مرض انقطاع التنفس خلال النوم

أظهرت الدراسات العلمية الحديثة وجود علاقة بين اضطرابات النوم وأمراض القلب. ومن تلك الأمراض زيادة ضغط الدم.

أصبح في حكم المؤكد علميا أن توقف التنفس أثناء النوم بسبب انسداد مجرى التنفس العلوي يؤدي إلى زيادة ضغط الدم الشرياني ويجعل التحكم في ضغط الدم المرتفع باستخدام العقاقير الطبية أكثر صعوبة. انقطاع التنفس أثناء النوم مرض شائع ولكنه وللأسف لا يتم التعرف عليه في مراحله الأولى حيث يغفل عن تشخيصه الكثير من الأطباء كما أن المرضى قد لا يلاحظون أعراض المرض في المراحل الأولى لأنه يتقدم بصورة تدريجية بطيئة لا يلاحظها البعض. ومن اهم أعراض هذا المرض الشخير المزعج والمتقطع وقد يصاحبه اختناق أو شرقة اثناء النوم وقد يلاحظ من يراقب المريض أنه يوقف تنفسه اثناء النوم لثوان قد تتعدى الدقيقة ثم يبدأ بالتنفس بعد ذلك مع إصدار صوت مزعج. ويؤدي هذا الاضطراب إلى الاستيقاظ المتكرر من النوم مما يسبب الخفقان وزيادة ضغط الدم ويؤدي كذلك إلى النقص المتكرر في مستوى الأكسجين في الدم. فقد أظهرت الدراسات أن حوالي 50% من المرضى المصابين بانقطاع التنفس أثناء النوم مصابون بارتفاع ضغط الدم وأن انقطاع التنفس أثناء النوم هو أحد عوامل الخطر التي تؤدي إلى زيادة ضغط الدم وقد تأكدت هذه الحقيقة في أكثر من دراسة علمية حديثة أجريت على مجموعات كبيرة من الأشخاص المصابين بانقطاع التنفس أثناء النوم وأثبتت هذه الدراسات أن انقطاع التنفس أثناء النوم يسبب ارتفاع ضغط الدم حتى بعد استبعاد العوامل الأخرى التي تزيد من ضغط الدم كزيادة الوزن وتقدم العمر وغيرها.

ومن المهم ملاحظة أن كثيرا من المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم الذين تصعب السيطرة على ضغط الدم لديهم حتى بعد استخدام العديد من العقاقير مصابين بتوقف التنفس اثناء النوم. وأن علاج توقف التنفس اثناء النوم يساعد على السيطرة على ارتفاع ضغط الدم لديهم. كما أظهرت الأبحاث أن علاج توقف التنفس اثناء النوم يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم خلال النوم والاستيقاظ وإلى نقص عدد دقات القلب خلال النوم مما ينتج عنه راحة القلب خلال النوم.

ومن ناحية أخرى فإن نقص الأكسجين في الدم يسبب انقباض شرايين الرئة والذي بدوره يسبب ارتفاع ضغط الدم في شرايين الرئة. ومع مرور الزمن يصبح ارتفاع ضغط الدم في الشرايين الرئوية مزمنا. وقد يؤدي هذا إلى فشل وهبوط في الجزء الأيمن من القلب مما ينتج عنه تورم الساقين وفي بعض الأحيان تجمع السوائل في البطن.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن نقص الأكسجين في الدم أثناء النوم قد ينتج عنه اضطرابات في دقات القلب وهذه الاضطرابات قد تتسبب في توقف القلب أثناء النوم، أو حدوث نقص في تروية القلب إن كان معتلا.

وهناك أسباب عضوية كثيرة غير توقف التنفس تؤدي إلى الاستيقاظ المتكرر أثناء النوم دون أن يصاحب ذلك نقص في الأكسجين كما أن الجو الخارجي المحيط بالنائم كالإزعاج المستمر قد يؤدي إلى الاستيقاظ المتكرر ، فهل تؤثر تلك الاضطرابات على ضغط الدم؟! أظهرت الدراسات الحديثة أن نقص النوم بسبب الإزعاج على سبيل المثال قد يؤثر في ضغط الدم. فأولئك الذين يعيشون تحت ممرات الطائرات، أو حتى أولئك الذين يتقاسمون أسرتهم مع أشخاص يشخرون بصوت مرتفع أثناء النوم، قد يعانون بالنتيجة من مرض ارتفاع ضغط الدم. ففي أحد الأبحاث وجد الباحثون أن ضغط الدم ارتفع عند عينة الاختبار المكونة من 36شخصاً بعد الحرمان من النوم لمدة 24ساعة كما زادت كمية إفراز هرمون النورأدرينالين في البول وهذا الهرمون يؤدي إلى زيادة ضغط الدم ودقات القلب عند إفرازه كما أن زيادة مستواه في الدم تسبب الإصابة بضغط الدم. بناء على ماسبق يمكن القول إن نقص النوم كما أو كيفا يؤثر بصورة مباشرة على ضغط الدم

كما أشار الأستاذ خير الدين مراد، رئيس مصلحة أمراض القلب بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، خلال المؤتمر الثالث للمختصين في أمراض القلب، الذي عقد بالعاصمة نهاية الأسبوع الماضي، أن ''أعراض هذا المرض تتمثل في انقطاع للتنفس لمدة تعتبر هامة عند النوم، وأنه يمس فئة معينة من المرضى''·
واعتبر الممارسون أن ''الأشخاص المصابين بهذا المرض هم في غالب الأحيان الذين يعانون من السمنة المفرطة وداء السكري، وكذا ارتفاع ضغط الشرايين والشخير''· وحسب الأطباء، فإن هذا المرض ''أصبح يعاني منه الشباب والأشخاص المسنون على حد سواء، ويشكل خطورة، حيث يمكن أن يؤدي إلى الموت المفاجئ بعد نقص الأوكسجين بالمخ وتعرض الشخص المصاب إلى الاختناق''·
ويرى المختصون أن ''الشخص المصاب عندما يتعرض إلى الاختناق، فإن ذلك يؤدي إلى تعقيدات بالمخ، ويعاني من صعوبة كبيرة في النوم، ويستيقظ بعناء شديد وفي خمول تام· ويجد نفسه في حاجة ماسة للنوم المستمر''·
كما يتعرض القلب بدوره ـ حسب المختصين ـ إلى مضاعفات تؤدي إلى أعراض أخرى بالشرايين والعجز بها وإلى ارتفاع ضغط الدم· لا يوجد علاج خاص بهذا المرض في الوقت الحالي·· وللحماية من هذه الأمراض، ينصح الأطباء المصابين بهذا المرض بتخفيض الوزن وممارسة الحركات الرياضية·
وفي حالة استعصاء العلاج وبلوغ حالة خطيرة للمرض، يلجأ الأطباء إلى الجراحة واستئصال اللوزتين واللحمة الموجودة بمدخل الحنجرة·
واعترف المختصون أنه في غالب الأحيان هذه ''الحلول القصوى لا ترضي المريض وتجعله يعيش في حالة نفسية متدهورة، في حين ينصحون الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض من وضع الجهاز المساعد على التنفس خلال النوم، والذي يزوّد المريض بجرعات صغيرة من الأوكسجين تساعده في نومه، وهذا الجهاز متوفر بالسوق الجزائرية''·· يعتبر هذا الجهاز الحل الأنجع بالنسبة للمرضى الذين يعانون من هذا المرض في انتظار اكتشاف دواءه·